کد مطلب:281436 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253

الفرق بین المعجزة و السحر
من هذا المنطق وعلی ضوء هذا البیان نتساءل كیف یمكن لنا أن نعرف المعجزة؟ وكیف نستطیع أن نمیز بین المعجزة والسحر؟ وبعبارة أخری؛ ما هو الفرق بین المعجزة والسحر حتی نعرف الحقیقة علی وجهها؟

قبل الإجابة علی هذا السؤال علینا الإجابة علی السؤال التالی: هل المعجزة هو الإتیان بشیء یجذب الأنظار ویسحر العیون والأفكار؟! إذا كان الأمر هكذا فإن السحر یقوم بنفس هذا الدور كما قال الله عز وجل فی القرآن الكریم عن سحرة فرعون: (قَالَ أَلْقُوا فَلَمّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُو بِسِحْرٍ عَظِیمٍ) (الاعراف:116).

أم أن المعجزة أمر عظیم خارق للعادة وللطبیعة ولا یمكن أن یقاس بالسحر، والشعوذة وخطف الأبصار. فهما من وادیان متفاوتان؟!

إنهما أمران مختلفان تماماً بل هما أمران متناقضان وذلك لأن المعجزة لها حقیقة وواقع بخلاف السحر والشعوذة حیث لا واقع لهما علی أرض الحقیقة. صحیح إن السحر والشعوذة یسحران العقول والأبصار إلا أنهما لا ینطلقان من أرض الواقع والحقیقة بل یقومان بتسخیر العقول بطریقة الاستیلاء علی تخیلات الناس وتصوراتهم كما یقول عز وجل: (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعَی) (طه:66). ولكن علی أرض الواقع لیست هناك حركة ذاتیة للحبال والعصی بل هناك تخیل للحركة بواسطة الاستفادة من الزیوت والزئبق وأشعة الشمس فی إظهار شكلیة للحركة والسعی، هذا أولاً.

وثانیاً: إن المعجزة تحقیق أمر فی الخارج بقوة إلهیة خارقة للعادة بحیث لا یستطیع أحد من البشر القیام بها من دون المشیئة الإلهیة كإعطاء الروح لهیكل طیر مصنوع من الطین ثم جعله یطیر فی الهواء كبقیة الطیور من دون اختلاف معها فی واقع الطیران والحیاة وهذا ما یحدثنا به القرآن الكریم عن معجزة النبی عیسی علیه السلام حینما صنع من الطین كهیئة الطیر فنفخ فیه فكان طیراً بإذن الله تقول الآیة الكریمة: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ بِإِذْنِی فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونَ طَیْراً بِإِذْنِی) (المائدة:110)

وقد تكون المعجزة بأعظم من هذا حیث أستخرج النبی صالح علیه السلام من الصخور والأحجار المتراصة بعضها علی بعض ناقة عظیمة لها الحیاة والحركة تعطی لأهل المدینة اللبن ما یكفیهم لیوم واحد فی مقابل ما تأخذ منهم شرب ماء لیوم واحد.

فهل یمكن للسحرة والمشعوذین القیام بهذه المهمة العظیمة التی تفوق جمیع قدرات السحرة من ذلك الیوم وإلی قیام الساعة؟ وهذه الحقیقة یستعرضها الكتاب المجید فی الآیات التالیة: (وإِلَی ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ یَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِن إِلَهٍ غَیْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَیِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ ءَایَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِی أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَیَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ) (الاعراف:73)

وفی سورة الشعراء یتحدث القرآن عن الكافرین حیث قالوا لنبیهم صالح علیه السلام

(قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِینَ - مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِایَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِینَ - قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ یَوْمٍ مَعْلُومٍ) (الشعراء 153-155).

(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا یَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِینَ) (الاعراف:77)

ثالثاً: إن المعجزة قد تتحقق فی الخارج من دون أن یكون هناك عصا او طین أو جبل، بل تكون المعجزة من أمر لا وجود مادی كثیف له، بل المعجزة تستخرج من العدم إلی الوجود ومن لا شیء إلی شیء تماماً مثل ما أوجد الإمام الرضا علیه السلام أسدین مفترسین حین أمر بصورتهما المنقوشة علی الجدار أن یفترسا ذلك المشعوذ الذی كان یسخر من الرضا علیه السلام علی مائدة الطعام بخطف أقراص الخبز والطعام من أمام الإمام كلما قدم الإمام یده علیها فی محاولة للاستهزاء به وبمقامه الربانی حتی أغضب الإمام، فأمر صورة الأسدین أن یخرجا إلی الواقع ویأكلا هذا المشعوذ الساخر، فخرجا أسدین مفترسین بإذن الله فأكلا المشعوذ عن بكرة أبیه حتی لحسا دمه من الأرض ثم ردهما الإمام إلی واقعهما بإذن الله كصورتین منقوشتین علی الجدار.

فهذه المعجزة التی حققها الإمام، أمام جمیع الحاضرین الذین بلغت قلوبهم الحناجر خوفاً ورعباً من مشاهدة الأسدین الضاریین یفترسان المشعوذ ویلحسان دمه ثم عودتهما كصورتین عادیتین، هذا المنظر بهتهم وأرعبهم بل خرّ البعض مغشیاً علیه وظل البعض الآخر مدهوشاً أمام هذا المنظر الرهیب وبدأت الأسئلة تدور فی مخیلتهم:

كیف تحولت الصورة إلی حقیقة وواقع؟! وكیف تحولت الحقیقة إلی صورة منقوشة مرة ثانیة؟ وأین ذهب الأسدان الحقیقیان؟ وأین ذهبت أشلاء الرجل حینما رجع الأسدان علی رسم الصورة؟ واللطیف فی الأمر إنه عندما طلب المأمون العباسی من الإمام أن یرد الرجل المشعوذ إلی الحیاة أجاب الإمام بما مضمونه أنه إذا ردت عصی موسی حبال سحرة فرعون رد الأسدان الرجل إلی وضعه السابق فی بیان صریح للإمام بأن القضیة حقیقیة ولیست شعوذة كما یفعله المشعوذون والسحرة، حیث یخیلون للناس أفعالهم ثم یظهر إنها تصویر وشعوذة وتظهر الأمور كما كانت سابقاً ولكن المعجزة حقیقة وواقع لا تلاعب ولا تسخیر للأعین والأبصار فیها، وبعبارة أخری من العدم إلی الوجود ومن الوجود إلی العدم.

فمعجزة النبی موسی علیه السلام كانت لها حقیقة وواقع كذلك أكل الأسدین للرجل له حقیقة وواقع. فالعصی والأسدان من واقع واحد ومن لباب الحقیقة فهما من مصدر واحد تحقق بإذن الله لأنهما من مشیئة الله جل جلاله تحققت أحدهما علی ید نبی من أنبیائه والثانیة علی ید وصی نبی آخر الزمان محمد صلی الله علیه و آله و سلم وهما معجزة إلهیة وهذه المعجزة تتحقق كلما تعلقت بها المشیئة الإلهیة فی أی مكان وزمان لأن الله إذا أراد لشیءٍ أن یتحقق تحقق من دون أدنی توقف (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْئاً أَن یَقُولَ لَهُ كُن فَیَكُونُ) (یس:82).

ومن هنا نعرف الفرق بین الحقیقة والسحر وبین المعجزة والشعوذة. فالمعجزة أمر من أمر الله عز وجل تتحقق بإذنه جل جلاله.

رابعاً: إن المعجزة تبقی علی تحدیها إلی الأبد، فلیس باستطاعة البشر القیام بمثلها إلی آخر لحظة من حیاة الدنیا.

فالمعجزة هی ما تعجز البشریة جمعاء إلی آخر الدهر عن الإتیان بمثلها. فهل استطاع أحد أن یأتی بمثل ما أتی به النبی عیسی علیه السلام یخلق من الطین طیراً حقیقیاً أو كالنبی صالح علیه السلام یستخرج ناقة من الجبل الأصم أو كالنبی موسی علیه السلام فی تحویل العصی حیة تسعی تأكل ما تشتهی أو كالإمام الرضا علیه السلام بإیجاد أسدین مفترسین من الصورة أو كالرسول العظیم محمد صلی الله علیه و آله و سلم بإتیان كتاب من الحروف العربیة المتداولة ما یعجز البلغاء والعظماء أن یأتوا بمثله من تلك الفترة إلی الان بل وإلی قیام الساعة؟؟

فالمعجزة إذن، إعجاز أبدی لكل البشر بخلاف السحر والشعوذة. فكل ما قام به السحرة فی السابق ممكن الإتیان به فی الوقت الراهن، بل وحتی التطور العلمی والتفوق التكنولوجی الذی وصل إلیه البشر فی عصر الذرة والصاروخ یمكن الإتیان بمثله لبقیة الناس، فی ما إذا تتبعوا الأسباب والمسببات وحصلوا علی الإمكانیات والوسائل، فإذا أصبحت دولة كأمریكا مثلاً متطورة ومتفوقة علی بقیة الدول وصنعت ما صنعت من الطائرات والصواریخ والقنابل والمصانع إلاّ أنها تبقی فی حالة یمكن أن تصل إلیها بقیة الدول بل استطاعت دولة محتلة من قبل أمریكا نفسها ان تتقدم فی بعض الأمور علیها وان تصنع أجهزة أكثر تطوراً وأفضل كیفیة وتعقیداً كالیابان.

إذاً، التقدم العلمی لیس بمعجزة یعجز الآخرون من الإتیان بمثله. ولو بعد حین، أما المعجزة فهی ما كانت تعجز الناس عن الإتیان بمثله والقیام علی شاكلته.

خامساً: المعجزة تصرف فی الكون وقهر للأسباب والمسببات یرفعها كیفما شاء وفی أی وقت شاء. أما التطور العلمی، والسحر، والشعوذة، فهذه الأمور هی فی الحقیقة تجری وفق الأسباب والمسببات والاستفادة من السنن الكونیة الموجودة. فالطیران هو استفادة من الهواء الموجود فی الفضاء للتحلیق واستعمال السنن فی تطویر الأشیاء وتسخیرها. أما المعجزة فهی قهر واضح للسنن فتحویل النار الملتهبة المحرقة إلی جنة خضراء علیلة الهواء بدیعة الجمال قهر حقیقی للنار وتحویل قهری لها إلی برد وسلام، وسلب طبیعتها الحراریة الملهبة بجعلها تعطی البرودة والسلام، مع إنها لم تتغیر حقیقتها الناریة ومع ذلك فهی لا تحرق، ولا تلهب، بل تحتضن وتحافظ وتبرد وتنعش. وهذا أمر إعجازی لأنه قهر للحقیقة الملتهبة المحرقة وقهر للأسباب والمسببات فإذا كانت النار هی سبب فی الإحراق كیف تتحول إلی سبب للبرودة والإنعاش، ألیس هذا تصرف فی حقیقة النار وقهر للأسباب والمسببات؟

أجل هكذا تكون المعجزة أنها قهر للأسباب والمسببات ویتحدث القرآن الكریم عن هذا القهر الإلهی للأسباب فی قصة النبی إبراهیم علیه السلام حینما أمر سبحانه وتعالی النار أن تكون برداً وسلاماً علی إبراهیم علیه السلام: (قُلْنَا یَانَارُ كُونِی بَرْداً وَسَلاَماً عَلَی إِبْرَاهِیمَ) (الانبیاءِ:69)

فالخطاب جاء من العلی الأعلی إلی النار أن تتحول إلی جنة خضراء وإلی برد وسلام من دون أن یسلب منها حقیقتهما الذاتیة كنار مشتعلة.

فهذه خمسة علائم ممكن تقدیمها لمعرفة المعجزة عن غیرها ونحن نستطیع أن نعرف الإمام المهدی علیه السلام حینما یأتی إلی الناس بما یأتی من المعاجز والآیات التی یعجز الناس أن یأتوا بمثلها، ولو ادعی البعض أن معاجزه علیه السلام سحر وشعوذة، مثلما ادعی فرعون أن معجزة النبی موسی سحر وكما ادعی الطواغیت أن معاجز الأنبیاء هی السحر والشعوذة، وكما ادعت قریش أن معجزة الرسول الأكرم (القرآن الكریم) بأنها كلمات ساحر اكتتبها فهی تملی علیه بكرة وأصیلاً، أو اقتبس بعض آیاتها من كتب الیهود والنصاری.. إلا أن الحقیقة تبقی ساطعة رغم أبواق الظالمین وتبقی المعجزة خالدة رغم صرخات المنافقین وتهریج المهرجین وافتراءات المكذبین.

ویبقی القرآن یتحدی البشریة والعرب بالخصوص علی الإتیان بمثله منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة من نزوله.

وبقی السؤال الأخیر: ما هی معجزة الإمام المهدی - عجل الله فرجه-؟ لأنه لاشك إن لكل نبی وإمام معجزة للدلالة علی مدعاه بأنه مرسل من قبل الله فما هی معجزة الإمام المهدی علیه السلام أنه هو الإمام حقاً؟ إن للإمام معاجز كثیرة بل جاء فی أحادیث عدیدة أنه یأتی بمعاجز الأنبیاء كلها لتثبت إمامته ورسالته وأنه الإمام المنتظر حقاً فی محاولة واضحة لدحض أكاذیب الأعداء والمنافقین الذین ینكرون رسالته وزعامته إلا أن الظالمین یتهمونه بالسحر والشعوذة كلما أتی ببرهان وبمعجزة كما اتهموا الأنبیاء والمرسلین. ومعاجز الإمام المهدی الذی یأتی شاب ابن أربعین سنة كما جاء فی أحادیث أهل البیت علیه السلام تلك المعاجز أكبر دلیل علی أنه الإمام رغم افتراءات علماء السوء علیه ورغم الأكاذیب والإفتراءات التی تطلق علی شخصیته المقدسة من قبل الفساق والفجار وإن یكن البعض منهم علی شاكلة رجال الدین فالإمام یحاربهم كما حارب الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام الخوارج. وقد جاء فی أحادیث كثیرة عن أهل البیت علیهما السلام: إن هناك خوارج فی آخر الزمان تخرج علی الإمام المهدی علیه السلام وبعضهم من وعاظ السلاطین الذین یفترون علی الإمام بمختلف التهم والأكاذیب، ویسخرون منه كما سخروا من قبل بجده المصطفی وأبیه المرتضی، وبابائه الأئمة الأطهار علیهما السلام.

إلاّ أنه - عجل الله فرجه- لا یعطی لهم مجالاً للإفساد وتضلیل أفكار الناس فیسرع إلی مواجهتهم بالسیف بعد أن رفضوا منطق الحق والحقیقة فلا یعطیهم إلاّ السیف، ولن یكون هناك ملجأ لجاحد ولا منجی لمعاند، بل یقضی علیهم بشكل كامل فلا تقوم لهم بعد ذلك قائمة، وقد ورد ذكر هؤلاء الأعداء والخوارج فی أحادیث أهل البیت علیهما السلام منها:

1- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... فبینا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلم ببعض السنن، إذ خرجت خارجة من المسجد یریدون الخروج علیه، فیقول لأصحابه انطلقوا فیلحقوا بهم فی التمارین فیأتونه بهم أسری لیأمر بهم فیذبحون، وهی آخر خارجة تخرج علی قائم آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم -.

2- وعنه أیضاً علیه السلام: - إذا قام القائم علیه السلام سار إلی الكوفة فیخرج منها بضعة عشر ألفاً یُدعون التبرئة علیهم السلاح فیقولون له: ارجع من حیث جئت (فلا حاجة) لنا فی بنی فاطمة، فیضع السیف فیهم حتی یأتی علی أخرهم ثم یدخل الكوفة فیقتل فیها كل منافق مرتاب...-.

3- وعنه أیضاً علیه السلام: - إذا قام القائم عرض الإیمان علی كل ناصب فإن دخل فیه بحقیقة، وإلاّ ضرب عنقه أو یؤدی الجزیة كما یؤدیها الیوم أهل الذمة...-.

4- وعنه أیضاً علیه السلام: -... ویأمر الله الفلك فی زمانه فیبطئ فی دوره حتی یكون الیوم فی أیامه كعشرة من أیامكم والشهر كعشرة أشهر والسنة كعشر سنین من سنینكم، ثم لا یلبث قلیلاً حتی یخرج علیه مارقة الموالی برمیلة الدسكرة عشرة آلاف شعارهم: یا عثمان یا عثمان، فیدعو رجلاً من الموالی فیقلده سیفه فیخرج إلیهم فیقتلهم حتی لا یبقی منهم أحد...-.

5- وعن أمیر المؤمنین علیه السلام، لمّا مرَّ بأهل النهروان وهم صرعی، فقال: - لقد صرعكم من غركم. قیل من غرهم؟ قال: الشیطان وأنفس السوء. فقال أصحابه: قد قطع الله دابرهم إلی آخر الدهر. فقال: كلا والذی نفسی بیده، وإنهم لفی أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلاّ خرجت بعدها مثلها، حتی تخرج خارجة بین الفرات ودجلة مع رجل یقال له الأشمط، یخرج إلیه رجل منّا أهل البیت فیقتله، ولا تخرج بعدها خارجة إلی یوم القیامة-.

إذن هناك فئات من الناس من لا تذعن لدلیل ولا لمعجزة فهم یرفضون الإمام - عجل الله فرجه- مهما كانت الحجج والمعاجز التی یقدمها لهم علی أنه المهدی المنتظر، لذلك تؤكد عشرات الأحادیث الشریفة علی شدة المهدی علیه السلام مع أعدائه وقتله الظلمة والمشركین والمنحرفین.

أما الأدلة والمعاجز التی عنده عجل الله فرجه، والتی لا تدع لأحد من الناس أی مجال للطعن والتشكیك فی إمامته علیه السلام، فهی عدیدة، أشارت إلیها أحادیث أهل البیت علیهما السلام، وهذا لا یعنی أنه - عجل الله فرجه- سیقدم المعجزة تلو الأخری حسب أهواء الناس وطلبات هذا وذاك من الجهال والمعاندین، فمثل هذا الأمر لم یكن حتی مع الأنبیاء والرسل، لأن المعاجز تتحقق بإذن الله تعالی لإلقاء الحجة علی المعاندین حسب إرادة الباری عز وجل لا حسب ما یرید ویشتهی بعض الناس. وكثیراً ما جاء الأنبیاء والرسل بمعاجز كثیرة، مثلما طلب أقوامهم، ولكن مع ذلك بقی أولئك الأقوام علی كفرهم ورفضهم وتشكیكهم بتلك المعاجز واستهتارهم برسلهم بما أوجب نزول البلاء علیهم. أما ما یحدث للمعاندین والمستهزئین بالإمام فالعقاب الصارم من أنصار الإمام ومن ملائكة العذاب لا یتخطاهم لأن الحجة قد تمت علیهم بما ذكر من أوصاف الإمام علیه السلام وصفاته بشكل لا یمكن أن تجتمع تلك الأوصاف أو تكون فی أحد غیره علیه السلام. كما أنه لا یمكن لأحد أن یأتی بمثل ما یقدّم من المعاجز والبینات.

والأحادیث فی هذا الصدد كثیرة نذكر جملة منها:

1- عن الإمام الصادق علیه السلام: - ما من معجزة من معجزات الأنبیاء والأوصیاء إلاّ ویُظهر الله تبارك وتعالی مثلها فی ید قائمنا لإتمام الحجة علی الأعداء-.

2- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... وإنما سُمّیَ المهدی مهدیاً لأنه یهدی إلی أمرٍ خفی، ویستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطاكیة، ویحكم بین أهل التوراة بالتوراة وبین أهل الإنجیل بالإنجیل وبین أهل الزبور بالزبور وبین أهل القرآن بالقرآن...-.

3- عن الإمام الصادق علیه السلام: لمّا سُئل عن الحجة علی من یَدّعی هذا الأمر، فقال: - یُسأل عن الحلال والحرام -ثم قال-: ثلاثة من الحجة لم تجتمع فی أحد إلاّ كان صاحب هذا الأمر: أن یكون أولی الناس بمن كان قبله، ویكون عنده السلاح، ویكون صاحب الوصیة الظاهرة...-.

وبما أن الحجة - عجل الله فرجه- إمام معصوم وهو خلیفة الله سبحانه فإنّه یكون له من العلم ما یُعجز العلماء والفقهاء وهو ملهم ومحَدَّث من الملائكة ومعه میراث النبی وأهل البیت صلوات الله علیهم أجمعین ومواریث الأنبیاء من الكتب المنزلة، وعن ذلك یقول الإمام الصادق علیه السلام: - علمنا غابر ومزبور، ونكت فی القلوب، ونقر فی الأسماع، وإن عندنا الجفر الأحمر والجفر الأبیض ومصحف فاطمة علیهاالسلام، وإن عندنا الجامعة فیها جمیع ما یحتاج الناس إلیه. فسئل عن تفسیر هذا الكلام فقال: أما الغابر فالعلم بما یكون، وأما المزبور: فالعلم بما كان، وأما النكت فی القلوب: فهو الإلهام، والنقر فی الاسماع: حدیث الملائكة نسمع كلامهم ولا نری أشخاصهم، وأما الجفر الأحمر: فوعاء فیه سلاح رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ولن یخرج حتی یقوم قائمنا أهل البیت، وأما الجفر الأبیض، فوعاء فیه توراة موسی وإنجیل عیسی وزبور داود وكتب الله الأولی، وأما مصحف فاطمة علیهاالسلام: ففیه ما یكون من حادث وأسماء كل من یملك إلی أن تقوم الساعة، وأما الجامعة: فهی كتاب طوله سبعون ذراعاً أملاه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، من فَلْقِ فیهِ وخط علی بن أبی طالب علیه السلام بیده، فیه والله جمیع ما یحتاج الناس إلیه إلی یوم القیامة، حتی أنَّ فیه أرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة-.

4- عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق علیه السلام: - إن لصاحب هذا الأمر غیبتان، إحداهما یرجع منها إلی أهله، والآخری یقال: مات أو هلك فی أی وادٍ سلك. قلت: كیف نصنع إذا كان كذلك؟ قال: إن ادّعاها مدعٍ فاسألوه عن أشیاء یجیب فیها مثله-.

ومن المعاجز التی یعطیها الله سبحانه للقائم، تسخیر قوی الطبیعة له علیه السلام كما جاء فی الروایات:

5- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... یدعو الشمس والقمر فیجیبانه، وتطوی له الأرض، فیوحی الله إلیه فیعمل بأمر الله-.

6- عن الإمام الباقر علیه السلام: - إن ذا القرنین كان عبداً صالحاً ناصح الله سبحانه فناصحه وسخّر له السحاب وطویت له الأرض وبُسط له فی النور فكان یبصر باللیل كما یبصر بالنهار، وأن أئمة الحق كلهم قد سخر الله تعالی لهم السحاب وكان یحملهم إلی المشرق والمغرب لصالح المسلمین ولإصلاح ذات البین، وعلی هذا حال المهدی علیه السلام، ولذلك یسمی (صاحب المرئی والمسمع) فله نور یری به الأشیاء من بعید كما یری من قریب ویسمع من بعید كما یسمع من قریب، وأنه یسیح فی الدنیا كلها علی السحاب مرة وعلی الریح أخری وتطوی له الأرض مرة فیدفع البلایا عن العباد والبلاد شرقاً وغرباً-.

ومن مواریث الأنبیاء التی یرثها الإمام عجل الله فرجه، بالإضافة إلی الكتب المقدسة، والتی ستكون من المعاجز التی یأتی بها علیه السلام، حجر وعصی موسی وخاتم سلیمان.

7- عن الإمام الباقر علیه السلام: - كان (كانت) عصی موسی لآدم فصارت إلی شعیب ثم صارت إلی موسی بن عمران وإنها لعندنا وإن عهدی بها آنفاً وهی خضراء كهیئتها حین انتزعت من شجرها وإنها لتنطق إذا استنطقت، أُعدّت لقائمنا لیصنع بها كما كان موسی یصنع بها، وإنها لتروّع وتلقف...-.

8- وعنه أیضاً علیه السلام: - إذا قام القائم بمكة وأراد أن یتوجه إلی الكوفة نادی منادیه ألا لا یحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً، ویحمل حجر موسی بن عمران وهو وقر بعیر، ولا ینزل منزلاً إلاّ انبعث عین منه فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظمآن روی، فهو زادهم حتی نزلوا النجف من ظهر الكوفة-.

9- وفی روایة أخری عن الإمام الباقر علیه السلام: - إذا ظهر القائم علیه السلام ظهر برایة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، وخاتم سلیمان، وحجر موسی وعصاه... -.

10- وعن الإمام الصادق علیه السلام: - عصا موسی قضیب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرئیل علیه السلام لمّا توجه تلقاء مدین، وهی وتابوت آدم فی بحیرة طبریة، ولن یبلیا ولن یتغیرا حتی یخرجهما القائم علیه السلام إذا قام-.

ومن المعاجز والقدرات العظیمة التی ستكون معه - عجل الله فرجه- ان الله یؤیده بالملائكة والجن الصالحین إضافة إلی أصحابه والمؤمنین به علیه السلام، ویؤیده بالرعب، حیث یخرج برایة جده المصطفی صلوات الله علیه وآله وسلم، وكفی بها من معجزة حیث یكون النصر والإعجاز حلیف هذه الرایة المباركة التی تسمی (الرایة المغلّبة) فلا یهوی بها إلی شیء إلاّ أهلكته.

11- عن الإمام الباقر علیه السلام: - إن الملائكة الذین نصروا محمداً صلی الله علیه و آله و سلم یوم بدر فی الأرض ما صعدوا بعد ولا یصعدون حتی ینصروا صاحب هذا الأمر وهم خمسة آلاف-.

12- عن الإمام السجاد علیه السلام: -... كأنی بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان فی ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، جبرئیل عن یمینه ومیكائیل عن شماله وإسرافیل أمامه، معه رایة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، قد نشرها، لا یهوی بها إلی قوم إلاّ أهلكهم الله عز وجل-.

13- عن الإمام الباقر علیه السلام: - فكأنی أنظر إلیهم - یعنی القائم علیه السلام وأصحابه- مصعدین من نجف الكوفة ثلثمائة وبضعة عشر رجلاً كأن قلوبهم زبر الحدید، جبرئیل عن یمینه ومیكائیل عن یساره، یسیر الرعب أمامه شهراً وخلفه شهراً أمدّه الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومین...-.

14- وعنه أیضاً علیه السلام: - أن القائم منا منصور بالرعب مؤید بالنصر تطوی له الأرض وتظهر له الكنوز كلها...-.

15- وعنه أیضاً علیه السلام: -... كأنی بقائم أهل بیتی قد أشرف علی نجفكم هذا -وأومأ بیده إلی ناحیة الكوفة- فإذا أشرف علی نجفكم نشر رایة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فإذا نشرها انحطت علیه ملائكة بدر. قلت: وما رایة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم؟ قال: عمودها من عمد عرش الله ورحمته وسایرها من نصر الله، لا یهوی بها إلی شیء إلاّ أهلكته...-.

16- عن أمیر المؤمنین علیه السلام: -... یأتیه الله ببقایا قوم موسی علیه السلام ویجیء له أصحاب الكهف ویؤیده الله بالملائكة والجنّ وشیعتنا المخلصین...-.

كما وأن للإمام الحجة علیه السلام معاجز وبراهین كثیرة غیر ما أوردناه نذكر بعضها -علی سبیل المثال لا الحصر- منها ما أشرنا إلیه فی مبحث (الإمام المهدی فی القرآن) كمعجزة تجمع أصحابه علیه السلام علی غیر میعاد لمبایعته وما یُعطون من القدرة والقوة العظیمة، وكذلك إعطاء الإمام علیه السلام وأصحابه نعمة التوسم، حیث یعرفون عدوهم من أولیائهم، والصالح من الطالح والمؤمن من المشرك والمنافق، بما یعطیهم الله سبحانه من قدرة التوسم.

وكذلك أشرنا فی المبحث ذاته إلی معجزة النداء باسم القائم علیه السلام، ولكون هذه العلامة من المعاجز الواضحة التی تشخص بوضوح أن القائم - عجل الله فرجه- هو الإمام المنتظر حقاً بشخصه الكریم، لا غیره من الناس أو المدّعین لهذا الأمر بحیث یكون النداء حجة دامغة علی المعاندین المنحرفین وعلی الناس أجمعین، لذا نورد فیما یلی نماذج أخری من الأحادیث الشریفة حول موضوع النداء.

17- عن الإمام الباقر علیه السلام: -... فیجمع الله علیه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ویجمعهم الله له علی غیر میعاد قزعاً كقزع الخریف وهی یا جابر الآیة التی ذكرها الله فی كتابه (أَیْنَ مَا تَكُونُوا یَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِیعاً إِنَّ اللّهَ عَلَی كُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ) (البقرة:148). فیبایعونه بین الركن والمقام ومعه عهد من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وقد توارثته الأبناء عن الآباء، والقائم یا جابر رجل من ولد الحسین یصلح الله أمره فی لیلة فما أشكل علی الناس من ذلك یا جابر فلا یشكل علیهم ولادته من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ووراثته العلماء عالماً بعد عالم فإن أشكل هذا كلّه علیهم فإنّ الصوت من السماء لا یشكل علیهم إذا نودی باسمه واسم أبیه وأمّه-.

18- عن أبی بصیر عن الإمام الصادق علیه السلام -... إن قدام هذا الأمر خمس علامات أولهن النداء فی شهر رمضان... ولا یخرج القائم حتی ینادی باسمه من جوف السماء فی لیلة ثلاثٍ وعشرین (فی شهر رمضان) لیلة جمعة. قلت بم ینادی؟ قال: باسمه واسم أبیه: ألا أن فلان بن فلان قائم آل محمد فاسمعوا له وأطیعوه، فلا یبقی شیء خلق الله فیه الروح إلاّ یسمع الصیحة فتوقظ النائم ویخرج إلی صحن داره وتخرج العذراء من خدرها، ویخرج القائم ممّا یسمع وهی صیحة جبرئیل علیه السلام -.

وقد أكدت أحادیث أهل البیت علیهما السلام أن الآیة الرابعة من سورة الشعراء هی فی القائم - عجل الله فرجه- والنداء باسمه من السماء، وهی (إِن نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَیْهِم مِنَ السَّمَاءِ ءَایَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِینَ) (الشعراء:4).

19- عن الإمام الباقر علیه السلام: - نزلت فی قائم آل محمد صلوات الله علیهم ینادی باسمه من السماء-.

20- وعن الإمام الصادق علیه السلام: - تخضع رقابهم یعنی بنی أمیة وهی الصیحة من السماء باسم صاحب الأمر-.

21- عن الإمام الصادق علیه السلام: - أما إن النداء من السماء باسم القائم فی كتاب لله لبین... إذا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنما علی رؤوسهم الطیر-.

22- وعنه أیضاً علیه السلام: - إن القائم لا یقوم حتی ینادی منادٍ من السماء یُسمع الفتاة فی خدرها ویُسمع أهل المشرق والمغرب...-.

إذن المعاجز والآیات التی تكون للإمام المهدی علیه السلام عدیدة وكثیرة وواضحة وبها تتم الحجة علی الأعداء، وعلی جمیع الناس. فمع آیة النداء باسمه الشریف، وإتیانه بالكتب المقدسة التی أنزلها الله تعالی علی الأنبیاء والرسل، وعلمه الراسخ بها وبأحكامها، وحمله لمواریث الأنبیاء والرسل وخاصة رسالة جدّه المصطفی صلی الله علیه و آله و سلم، بل والمعاجز التی كانت للأنبیاء والأوصیاء من قبل الله تعالی، كما مرّ فی حدیث آنف الذكر، كل هذا وغیره تجعل من القدرات والمؤهلات والعلوم التی یحملها الإمام - عجل الله فرجه- شیئاً معجزاً وخارقاً لا یمكن أن یحملها إنسان غیره.

ولعل من هذا المنطلق یكون احتجاجه علیه السلام علی الناس حین یعلن دعوته ویدعو إلی نفسه ویبین أحقیته فی أمر الإمامة والدعوة إلی الهدی والحق والعدل، ومدی استعداده وقدرته الخارقة فی الإجابة عن أی سؤال أو استفهام من أی شخص وتقدیم الأدلة القانعة أو المفحمة إلیه، لذا ورد فی الأحادیث أنه علیه السلام حین یقوم یخاطب الناس بأولویته بالأنبیاء عن غیره بما اصطفاه الله عز وجل شارحاً ومبیناً منزلته وشرفه وعلمه وإثباتاً لصدق خلافته للأنبیاء والرسل والأوصیاء وأنه هو الإمام المهدی الموعود حقاً وصدقاً، فیقول علیه السلام: -... یا أیها الناس إنّا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس؟ فإنّا أهل بیت نبیكم محمد ونحن أولی الناس بالله وبمحمد صلی الله علیه و آله و سلم، فمن حاجنی فی آدم فأنا أولی الناس بآدم ومن حاجنی فی نوح فأنا أولی الناس بنوح ومن حاجنی فی إبراهیم فأنا أولی الناس بإبراهیم ومن حاجنی فی محمد علیه السلام فأنا أولی الناس بمحمد صلی الله علیه و آله و سلم، ومن حاجنی فی النبیین فأنا أولی الناس بالنبیین، ألیس الله یقول فی محكم كتابه: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَی ءَادَمَ وَنُوحاً وءَالَ إِبْرَاهِیمَ وءَالَ عِمْرَانَ عَلَی الْعَالَمِینَ - ذُرِّیَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ) (آل عمران:33-34)؟ فأنا بقیة من آدم وذخیرة من نوح ومصطفی من إبراهیم وصفوة من محمد صلی الله علیهم أجمعین.

- ألا فمن حاجنی فی كتاب الله فأنا أولی الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجنی فی سنّة رسول الله فأنا أولی الناس بسنّة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم...-.

ولذلك وصفه الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم بأنه وارث كل علم والمحیط به وأنه المخبر عن الله والمنتقم من الظالمین وغیرها من الأوصاف والخصائص المعجزة التی لن تكون إلاّ فی هذه الشخصیة الربانیة العظیمة، حیث یقول صلی الله علیه و آله و سلم:

- معاشر الناس؛ النورُ من الله عز وجل فیَّ مسلوك، ثم فی علی، ثم فی النسل منه إلی القائم المهدی الذی یأخذ بحق الله وبكل حق هو لنا، لأن الله عز وجل قد جعلنا حجّة علی المقصرین والمعاندین والمخالفین والخائنین والآثمین والظالمین من جمیع العالمین. ألا إن خاتم الأئمة منا القائم المهدی، ألا إنه الظاهر علی الدین.ألا إنه المنتقم من الظالمین. ألا إنه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنه قاتل كل قبیلة من أهل الشرك. ألا إنه مدرك بكل ثار لأولیاء الله. ألا إنه الناصر لدین الله. ألا إنه الغراف فی بحر عمیق. ألا إنه یسم كل ذی فضل بفضله، وكل ذی جهل بجهله. ألا إنه خیرة الله ومختاره. ألا إنه وارث كل علم والمحیط به. ألا إنه المخبر عن ربّه عز وجل والمنبه بأمر إیمانه. ألا إنه الرشید السدید. ألا إنه المفوض إلیه. ألا إنه قد بشر به من سلف بین یدیه. ألا إنه الباقی حجة ولا حجة بعده، ولا حق إلاّ معه، ولا نور إلاّ عنده. ألا إنه لا غالب له ولا منصور علیه. ألا إنه ولی الله فی أرضه، وحكمه فی خلقه، وأمینه فی سره وعلانیته...-.

وبالمهدی من آل محمد والقائم من أهل بیت الرسول الأكرم وبالمعاجز التی یجریها الله عز وجل علی یدیه تتم الحجة علی الناس، فمن آمن كان من الآمنین، ومن كفر كان من الهالكین فلا یبقی لأحد حجة بعد هذه الأدلة والمعاجز.

فهل هناك بعد هذا البیان من كلام؟ وهل هناك بعد هذه المعاجز من أعذار؟

وهل هناك بعد الهدی إلا الضلال؟ فماذا ینتظره المشككون؟ وماذا یعتذر به المكذبون؟!، وبأی وجه یقف المفترون علیه أمام الله والرسول یوم القیامة بعد هذا البیان والمعاجز والبراهین؟ وبأی كیفیة یعتذر منه المنافقون والمكذبون یوم تنصب فیه الموازین بالقسط؟

فهل یقولون أنهم كانوا یشكون فی شخصیته الرسالیة لأن الإمام كان رجلاً عادیاً یأكل مما یأكلون ویشرب مما یشربون ولم یتحققوا أنه الإمام المهدی حقاً رغم ما قدم من البراهین والأدلة؟!، أم تراهم یقولون أنهم كانوا فی شك مما یدعوهم إلیه؟ أو أنه جائهم بأمور لم یكونوا قد ألفوها وأعتادوا علیها من قبل؟ فهل ینفعهم بعد هذه الأدلة والمعاجز كل هذه الأقاویل والأعذار؟!